تكلم بالحق فأنجاه الله
دخل الحسن البصري – رحمه الله – على الحجاج بن يوسف بواسط، فلما رأى جبروته
قال: الحمد لله أن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبرًا وإنا لنرى فيهم عبرًا، يعمد
بعضهم إلى قصر فيشيده. وإلى فرش فيتخذه، وقد خف به ذباب الطمع وفراش نار ثم يقول:
ألا فانظروا ما صنعت (فقد رأينا يا عدو الله ما صنعت) فماذا يا أفسق الفسقة ويا
أفجر الفجرة، أما أهل السماء فلعنوك، وأما أهل الأرض فمقتوك. ثم خرج وهو يقول:
إنما أخذ الميثاق على العلماء ليبينه للناس ولا يكتمونه. فاغتاظ الحجاج غيظًا
شديدًا، ثم قال: يا أهل الشام، هذا عبيد أهل البصرة يشتمني في وجهي فلا ينكر عليه
أحدٌ، علي به والله لأقتلنه، فأُحضر، وكان الحسن يحرك شفتيه بدعاء، فلما دخل على
الحجاج رأى السيف والنطع بين يديه، فلما وقعت عليه عين الحجاج سبه.
ولكن الحسن وعظه وظل مستمرًا في الدعاء حتى أمر الحجاج برفع السيف ثم أمر
بالوضوء فتوضأ وبالعطر فرش ثم صرفه مُكرمًا، قال الحسن: فكفاني الله شره بمنه
وكرمه .
من كنوز الدعاء لمحي الدين عبد
الحميد ص40-41 بتصرف يسير