تعريف التوسل تعريف التوسل وانواعه تعريف التوسل ونواعه تعريف التوسل إلى الله بسم الله
الرحمن الرحيم الحمد لله و
حده و الصلاة و السلام على من لا نبي
بعده أما
بعد : السلام عليكم
و رحمة الله و بركاته 1-تعريف التوسلالتوسل اتخاذ الوسيلة .
والوسيلة كل ما يوصل إلى المقصود والتوسل في دعاء الله تعالى أن يقرن الداعي بدعائه ما يكون
سبباً في قبول دعائه
2- أنواعه وأحكامهوالتوسل في دعاء الله تعالى
قسمان :
القسم الأول : أن يكون بوسيلة جاءت بها الشريعة ، وهو أنواع
:
الأول : التوسل بأسماء الله
تعالى وصفاته وأفعاله و هذا أمر حسن قال الله تعالى :
]وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ] [الأعراف:180]
الثاني : التوسل إلى الله تعالى
بالإيمان به وطاعته كقوله عن أولي الألباب :
]رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا
يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّاۚرَبَّنَا
فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَاوَتَوَفَّنَا
مَعَ الْأَبْرَارِ ] [آل عمران:193،194]
الثالث : أن يتوسل إلى الله
بدعاء من ترجى إجابته ، كطلب الصحابة رضي الله عنهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو
الله لهم كقول عكاشة بن محصن للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعلني منهم -رواه البخاري و مسلم -
وهذا إنما يكون في حياة الداعي
أما بعد موته فلا يجوز، لأنه لا عمل له فقد انتقل إلى دار الجزاء
القسم الثاني : أن يكون التوسل بوسيلة لم يأت بها الشرع و كل
ما سوى الأنواع
الثلاثة الأولى فهو توسل غير مشروع لأنه لم يرد به دليل تقوم به
الحجة
وقد أنكره العلماء المحققون في
العصور الإسلامية المتعاقبة، مع أنه قد قال ببعضه بعض الأئمة ونحن نطالبهم بأن يأتونا
بنص صحيح صريح من الكتاب أو السنة فيه التوسل بمخلوق، وهيهات أن يجدوا شيئاً يؤيد ما
يذهبون إليه
شبهات والجواب
عليهايورد من يرون
بجواز التوسل بمخلوق شبهات عديدة يستدلون بها و يوهمو العامة
بصحتها و سنرد على هذه الشبهات واحدة اثر واحدةالشبهة الأولى:الحديث الذي رواه
أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا
قحطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب، فقال:اللهم إنا كنا
نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه و سلم - فتسقينا، وإنانتوسل إليك بعم
نبينا فاسقنا، قال: فيُسقَون. فيفهمون من هذا الحديث أن توسل
عمر رضي الله عنه إنما كان بجاه العباس رضي الله عنه وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا
مردود من وجوه كثيرة اهمها:
1-نحن
والمخالفون متفقون على أن في كلام عمر: (كنا نتوسل إليك بنبينا..
وإنا نتوسل إليك بعم نبينا)
شيئاً محذوفاً، لا بد له من تقدير، وهذا التقدير إما أن يكون: (كنا نتوسل بــ (جاه)
نبينا، على رأيهم هم، أو يكون: (كنا نتوسل إليك بــ (دعاء) نبينا،على رأينا نحن.
ولا بد من الأخذ بواحد من هذين
التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء.و لمعرفة تقدير الكلام المحذوف لابد من العودة
الى السنة لتبين لنا طريقة توسل الصحابة الكرام بالنبي -صلى الله عليه و سلم -
هل كانوااذا دعوا ربهم
يقولو" اللهم بنبيك محمد، وحرمته عندك، ومكانته لديك اسقنا الغيث" مثلا أم كانو يأتون النبي
صلى الله عليه و سلم و يطلبون منه الدعاء
أما الأمر الأول فلا وجود له
إطلاقاً في السنة النبوية الشريفة، وفي عمل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
بل الذي نجده بكثرة، وتطفح به
كتب السنة هو الأمر الثاني و من أمثلة ذلك ما رواه أنس بن مالك في صحيح البخاري قال
أصابت الناس سنة على عهد النبي
صلى الله عليهه وسلم ، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة ، قام
أعرابي فقال : يا رسول ، هلك المال وجاع العيال ،
فادع الله لنا .فرفع يديه ، وما نرى في السماء قزعة ، فوالذي نفسي
بيده ، ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ... الى آخر الحديث - رواه البخاري -
2- عدول
عمر رضي الله عنه عن التوسل بالنبي - صلى الله عليه و سلم -إلى
التوسل بالعباس رضي الله عنه،
مع العلم ان العباس مهما كان شأنه ومقامه فإنه لا يذكر امام شأن النبي -صلى اله عليه و
سلم - ومقامه
الشبهة
الثانية: حديث الضرير أخرج احمد و غيره بإسناد صحيح
عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن
يعافيني . قال : إن شئت دعوت لك ، وإن شئت أخرت ذاك ، فهو خير ، ( وفي رواية : وإن
شئت صبرت فهو خير لك ) ، فقال : ادعه . فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ، فيصلي
ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك ، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي
الرحمة ، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي ، اللهم
فشفعه في " وشفعني فيه " قال ففعل الرجل ، فبرئ
يرى المخالفون: أن هذا الحديث
يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي - صلى الله عليه و سلم - أو غيره من الصالحين
وأما نحن فنرى ان هذا الحديث
دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه
والأدلة على ما نقول من الحديث
نفسه كثيرة، وأهمها:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى
النبي صلى الله عليه و سلم ليدعو له، وذلك قوله: (أدعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى
الله تعالى بدعائه صلى الله عليه و سلم
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه
و سلم وعده
بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله صلى الله عليه و سلم :
إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو
خير لك
ثالثاً: إصرار الأعمى على
الدعاء وهو قوله: (فادع) فهذا يقتضي أن الرسول صلى الله عليه و سلم دعا له، لأنه صلى الله
عليه و سلم خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق
رابعاً: أن في الدعاء الذي علمه
رسول الله صلى الله عليه و سلم إياه أن يقول: اللهم فشفعه في وهذا
يستحيل حمله على التوسل بذاته
صلى الله عليه و سلم ، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته صلى الله عليه
و سلم في،
أي اقبل دعائه في أن ترد عليَّ بصري، والشفاعة لغة الدعاء
خامساً: إن مما علم النبي
صلى الله عليه و سلم الأعمى أن
يقوله: وشفعني
فيه أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته
صلى الله عليه و سلم ،
أي دعاءه في أن ترد علي بصري.
هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها
ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من
الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه
الشبهة
الثالثة:أحاديث ضعيفة و موضوعة و يكفي
في دفع هذه الشبهة معرفة ضعف الحديث المستدل به و هذه الأحاديث كثيرة و سنكتفي بالمشهور
منها :
1-عن أبي سعيد الخدري
مرفوعاً:" من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق
ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً...أقبل الله عليه بوجهه ".
رواه أحمد (3/21) واللفظ له،
وابن ماجه، وانظر تخريجه مفصلاً في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم 24). وإسناده
ضعيف لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، وعطية ضعيف
2-حديث
بلال الذي أشار إليه صديق خان هو ما روي عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا خرج إلى الصلاة
قال: بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم بحق
السائلين عليك، وبحق الحديث أخرجه ابن
السني فيiمخرجي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً.. "عمل اليوم والليلة – رقم82" من طريق
الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عنه.
وهذا سند ضعيف جداً، وآفته
الوازع هذا، ولذلك لما قال النووي في "الأذكار": (حديث ضعيف أحد رواته الوازع بن نافع
العقيلي وهو متفق على ضعفه، وأنه منكر الحديث)
3-عن أبي أمامة قال:كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم إذا أصبح، وإذا أمسى دعا بهذا الدعاء: اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق
من عبد.. أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض، وبكل حق هو لك، وبحق
السائلين عليك...
قال الهيثمي في "مجمع
الزوائد" (10/117): (رواه الطبراني، وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه).
4-عن أنس بن مالك قال: لما ماتت
فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما دعا أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري
وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون...
فلما فرغ دخل رسول الله صلى
الله عليه و سلم ، فاضطجع فيه فقال: الله الذي يحيي ويميت، وهو حي
لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بين
أسد، ولقنها حجتها، ووسع مدخلها بحق نبيك، والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم
الراحمين....
قال الهيثمي في "مجمع
الزوائد" (9/257): (رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه روح بن صلاح، وثقة ابن حبان
والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح).
و قال الألباني : ومن طريق
الطبراني رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/121) وإسناده عندهما ضعيف، لأن روح بن صلاح الذي
في إسناده قد تفرد به، كما قال أبو نعيم نفسه
5-عن عمر
بن الخطاب مرفوعاً :لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق
محمد ألا غفرت لي فقال الله
سبحانه وتعالى فكيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من
روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله
فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم
إنه لأحب الخلق إلي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث:
البيهقي - المصدر: تاريخ دمشق - الصفحة أو الرقم: 7/437
خلاصة حكم المحدث: تفرد به عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه وهو ضعيف
6-حديث :
" توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم "
وبعضهم يرويه بلفظ: " إذا
سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم "
هذا باطل لا أصل له في شيء من
كتب الحديث البتة، وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة
كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله في "القاعدة الجليلة" (ص132، 150)
دفع توهم هذا ولا بد من بيان ناحية هامة
تتعلق بهذا الموضوع، وهي أننا حينما ننفي التوسل بجاه النبي صلى الله عليه و سلم ،
وجاه غيره من الأنبياء والصالحين فليس ذلك لأننا ننكر أن يكون لهم جاه، أو قدر أو مكانة
عند الله، كما أنه ليس ذلك لأننا نبغضهم، وننكر قدرهم ومنزلتهم عند الله،
كلا ثم كلا فإننا و لله الحمد
من أشد الناس حباً لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، ومن أعرفهم بقدره وحقه وفضله صلى الله
عليه و سلم ، وبأنه أفضل النبيين، وسيد المرسلين، وخاتمهم وخيرهم، وصاحب اللواء
المحمود، والحوض المورود، والشفاعة العظمى، والوسيلة والفضيلة، والمعجزات
الباهرات، وبأن الله تعالى نسخ بدينه كل دين، وأنزل عليه سبعاً من
المثاني والقرآن العظيم، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس. إلى آخر ما هنالك من
فضائله صلى الله عليه و سلم ومناقبه التي تبين قدره العظيم، وجاهه المنيف صلى الله
عليه وآله وسلم
تسليماً كثيراً.
ـــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــ
ــ
المصدر: كتاب التوسل أنواعه و
أحكامه للشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله