هل الإكثار من ذكر الله بأعداد تزيد على ما ورد في السنة بدعة أو حرام ؟
الإكثار من ذكر الله بأعداد تزيد على ما ورد في السنة مستحب، بل هو مأمور به صراحة في كتاب الله العزيز، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً }([1])، وامتدح الله المطبقين لهذا الأمر، فقال تعالى : { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً }([2]) ،وقال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }([3])، وقال سبحانه : {Ï وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }([4])، بل عد ربنا ذكر الله قليلاً من سمات المنافقين، فذمهم بهذا الوصف، فقال تعالى : { وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }([5]).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «سبق المفردون» قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات»([6])، وقال صلى الله عليه وسلم : « لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله »([7]). وقال صلى الله عليه وسلم : «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة ...» إلى أن قال صلى الله عليه وسلم : « ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه»([8]).
كل هذه الآيات والأحاديث تؤكد أنه لا حد لذكر الله، وأن الشرع الشريف فتح باب الذكر والإكثار منه بأي أعداد، وأن من ذكر الله بعدد أكبر مما ورد في السنة أفضل ممن اقتصر على ما ورد كما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم : « ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه» فذكر الله مستحب والإكثار منه من باب الإكثار من المستحب، وبذكر الله تحيى القلوب، وبتركه تموت القلوب.
ومما سبق عرضه من الأدلة يجوز للإنسان أن يذكر الله بأي أعداد يرتبها وردًا لنفسه، أو يرتبها له شيخ بصير، نسأل الله أن يحيي قلوبنا بذكره دائمًا آمين، والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــ
([1]) الأحزاب : 42.
([2]) الشعراء : 227.
([3]) الأحزاب : 21.
([4]) الأحزاب : 36.
([5]) الأحزاب : 36.
([6]) رواه أحمد في مسنده، ج2 ص 232، ومسلم في صحيحه، ج4 ص 2062، والترمذي في سننه، ج5 ص 577، وابن حبان في صحيحه، ج 3 ص 140.
([7]) أخرجه أحمد في المسند، ج 4 ص 188 ،والترمذي في سننه، ج 5 ص 458، وابن ماجه في سننه ،ج2 ص1246 ،وابن حبان في صحيحه، ج 3 ص 96، والحاكم في المستدرك، ج1 ص 672.
([8]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج5 ص2315 ،واللفظ له ،ومسلم في صحيحه، ج4 ص2071