هكذا يفعل الأغنياء
القناعه ( كنز لا يفنى ) هكذا كنت أسمع دوماً عندما كنت صغيراً ، لم تكن تعني لي هذه الكــلمة الكثير سوى أنها من مجموعة النصائح الكثيرة التي أسمعها من والداي . كانت طلباتي كثيره أريد و أريد وأريد كذا ، بالصغر كانت طلباتي مقدور عليها ولكنهم لا يريدون توفير كل شئ لي بمجرد الطلب بل أتذكر عندما كنت أريد شيئاً لأذهب الى أمي ممثلاً دور الطفل المسكين وأقول أريد أن أشتري لعبة لتقول لي ليس الأن فأبتعد عنها متأثر وأقول بنرة الحزن لماذا خالتي جلبت لأبنائها هذه اللعبه وأنتم لا . كانت تصرخ أمي بوجهي لتقول اقنع بما لديك ولا دخل لك بما لدى الأخريين . مع العلم بأني كنت مدلل وتوفر لي أغلب الألعاب ولكن كنت أريد المزيد .
مرت السنين الى أن وصلت لمرحله المراهقه وهي أصعب مرحلة تمر على الوالدين نحو أبنائهم كنت عندما أرى أي شيء سواء أستفيد منه أو لا أريده أثقلت كثيرا على والداي هذه الفتره ، بل أني في مرة طلبت من أبي أن يشتري لي جهاز حاسب ألي فرفض فأعتكفت في غرفتي يوم كامل بلا أكل أو شرب الى أن حل المساء ودخل أبي علي وبيده ذلك الجهاز فرحت به كثيراً وأنا أقوم بأخراج الجهاز وتركيبه أمام نظر أبي ليقول لي : ليس كل ما نريده يابني نستطيع ان نجلبه اجعل هذه الجمله دوماً في رأسك . كنت أتأثر حينها وبعد مرور وقت بسيط أعود كما كنت أريد أي شئ !
أنهيت مراحل الدراسه جميعها الى أن تخرجت من الكلية لأتوظف ولله الحمد مباشرة بمعاش ممتاز جداً لرجل في مرحلتي السنيه ، كنت طموح جداً لدرجه اني كنت اتصور باني سأصبح يوماً ( بيل غيتس ) أو ( الوليد بن طلال محلياً ) كنت مغفلاً بالفعل ، بل وضعت جدول زمني لوصولي لمرحلة الغناء الفاحش فكنت أقول خلال سنتين فقط سأشتري منزلاً كبيراً وأفتتح مشروعاً يدر علي بالمال الإضافي نعم فلم أكن أقنع !
أخذت مبلغ يقارب النصف مليون ( اقتراض من البنك ) على أن أسدده لهم على أقساط لمدة عشرين سنه وهم بدورهم يقومون شهرياً بأقتطاع جزء من معاشي لمدة عشرين سنه الى أن أسدد المبلغ الذي اقترضته بفوائده . عندما رأيت المبلغ قد حول في حسابي تقدمت بطلب أجازة من العمل فأنا حينها يجب أن أستجم فقد أصبحت مليونيراً ( حتى لو كانت ديناً ) ! تمت الموافقه على اجازتي وقمت بالسفر لأحد الدول وحدي كنت أتصور بأن الأغنياء هم ما يسافرون وحدهم فأنا واحد منهم ولا أكذب عليكم باني كنت وقتها فرحاً بل كنت أقضي الوقت أتبضع ما أنا بحاجته وما أنا لست بحاجته هكذا يفعل الأغنياء !
رجعت من اجازتي التي لم تكون سوى خمسة أيام لأعود الى العمل وأعود للتفكير بماذا سأفعل بهذا المبلغ ، قال لي أبي اذهب واشتري لك منزلاً للمستقبل ولا تبعثر المال في تفاهاتك ! لم أسمع كلامـــه لم يكن المنزل طموحي الان فأنا أريد أن يزيد هذا المال أكثر و أكثر . أقترح علي أحد الاصدقاء أن أجرب البورصه ، حقيقة أعجبتني فكرة البورصه فهي لعبة الأغنياء فقط وبالفعل خلال يومين فقط دخلت البورصه بمساعدة صديق لي بدأت اليوم الأول بالشراء والبيع بالبيع والشراء الى أن حصلت على مبلغ جيد لألتفت على صديقي وأقول له أن استمريت يومياً أربح مثل هذا المبلغ فخلال سنتين سأذهب الى البنك لأعطيهم المبلغ الذي اقترضته كاملاً وما ربحته أبدء به من جديد فلا يكون علي أي دين .
مرت الأيام وأنا في البورصه أكسب يومياً وأبعثر ما كسبته في نفس اليوم وعلى هذا المنوال كنت أشتري وأشتري أي شئ يخطر على بالي من ملابس وأجهزة بل وصل الأمر الى توزيع الهدايا لكل من أعرفه ولا أعرفه فبعض الأغنياء يفعلون ذلك ! كان أبي قلقاً علي من تصرفاتي فعاد ليفتح معي نفس الموضوع اشتري لك منزلاً وما ربحته من البورصه أعطه البنك كي تخف عليك السنين المتبقيه منه . كنت بتعالي أقول لــه لا لن أفعل هذا بل سأواصل حتى أكون ثروة كبيرة فأنا قادر على ذلك ليقول لي يابني أقتنع اقتنع بما لديك لأقول له لماذا فلان وفلان من الأغنياء فيقول هم خرجوا من بطون امهاتهم أغنياء لم يتعبوا في هذا المال الذي لديهم اما أنت فهو دين عليك .
مرت الشهور لتنتكس البورصه وأخسر وأخسر أمام عيناي كل المال الذي ربحته والذي أخذته من البنك ، حينها فقط عرفت معنى القناعه تأكدت بانه يجب أن نقنع بما لدينا وان نرضى به مهما يكن . وبأذن الله العوض من عند الله هي تجربة تعلمت منها الكثير والكثير من الدروس فالمهم اني تعلمت الأن .
من أشترى ما لا حاجة به … باع ما هو بحاجة له
موضوع: قصة أدبية هكذا يفعل الأغنياء 
الجمعة مايو 07, 2010 10:08 am
